الناشطة سعاد البدري لسبو 24: زرنا الدواوير المعزولة بالأطلس فخجلنا من أنفسنا، ورسالتي إلى الحكومة رسالة عتب وألم


حاورتها الأديبة فنان الدحمني/ الرباط
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

أجرى موقع سبو 24 حوارا مع الناشطة الجمعوية والمدونة المغربية سعاد صالح البدري، وذلك على خلفية مساهمتها في القوافل التضامنية مع المناطق القروية المعزولة في الأطلس، وأنفكو تحديدا، سعاد البدري تقنية محاسبة بجماعة قصبة تادلة حاصلة على شهادة جامعية من كلية القاضي عياض مراكش شعبة البيولوجيا ودبلوم المحاسبة من المعهد العالي للتكنولوجيا، طالبة بكلية الأداب جامعة السلطان سليمان، مدونة من مؤسسي جمعية المدونين المغاربة وعضو بمكتبها التنفيذي، وعضو بمنظمة الكشاف المغربي، ورئيسة جمعية البلسم لمكافحة السرطان التي لم تستطع انتزاع وصل إيداع ملفها إلا بعد شد وجذب مع سلطات تادلة.
س 1: الأستاذة سعاد، أنت من الناشطات الجمعويات البارزات اللواتي علقن الجرس ونظمن قوافل إلى مناطق مغربية تقتلها العزلة والفقر ويحاصرها البرد والتهميش، كيف كانت خطواتكم الأولى في هذا الأمر؟
الفكرة صراحة جاءت و كما كتبتها على شكل رسالة افتراضية لوزير الداخلية و ذلك بعد أن نشرت الكثير من الصحف قلقه من تحرك مجموعة فايسبوكية نحو إقليم خنيفرة، أي أن هذه الرسالة نبعت من غرفتي الصغيرة التي يتواجد بها حاسوبي و بجانبي ابنتي الصغيرة ذات الخمس سنوات، و الرسالة منشورة أيضا بمدونتي الخاصة كما نشرت رابطها بالصفحة الرسمية الخاصة برئيس الحكومة عبد الاله بن كيران ، كان مضمون الرسالة كالتالي :
"رسالة إلى وزير الداخلية المحترم :
حين أسست مجموعة "من أجل أطفال أنفكو والنواحي" لم يكن من وراء هذه العملية سوى طفلتي ذات الخمس سنوات و التي كانت تلعب بالمزرعة على الفيسبوك، و بين الفينة و الأخرى كنت أسرق منها الفأرة لقراءة بعض الأخبار، والتي من خلالها أثار انتباهها طفلة ترتدي كيسا بلاستيكيا و على رأسها أيضا كيس بلاستيكي أسود، مما أثر في نفسيتها الصغيرة و تخاطبني : ماما ألبسيها معطفي و هي تتجرد منه ,,,,,,

 فضحكت منها وقلت لها كيف يمكننا إدخال المعطف في الشاشة ... بعد برهة نامت طفلتي و ذهبت في سباتها إلا أن ضميري أبى إلا أن تُصَحِّيه هذه الطفلة الصغيرة، فقررت مباشرة تأسيس مجموعة "من أجل أطفال أنفكو والنواحي" على الموقع الاجتماعي الفيسبوك، ووضعت أول نداء لتدفئة ساكنة جبال الأطلس المتوسط وكان التفاعل من طرف المجتمع المدني جد رائع وأتت المساعدات من كل حدب و صوب، وكانت أول مباردة ناجحة لنا كمجموعة بقرية كروشن التابعة لإقليم خنيفرة مع عدة شباب من مختلف المدن، والمبادرة الثانية كانت بتونفيت منطقة أنفكو وبالضبط بقرية سيدي يحيى أيوسف.وسنواصل عملنا الخيري الذي لم يؤثر فيه أي كان و لا أية جهة من الجهات، والذي تحملنا فيه العناء من أجل إخوة لنا لا ذنب لهم سوى أنهم ينتمون إلى هذه المناطق .
و المجموعة الفيسبوكية المعنونة ب "من أجل أطفال أنفكو و النواحي" هي مجموعة خاصة بجمع المساعدات كيفما كانت وتقديمها إلى سكان المناطق المنكوبة والتي بالضبط تعاني من قساوة الطقس و خاصة المناطق القاحلة ـ بدون غابات أو أراضي صالحة للزراعة ـ التي تعرف تساقطات ثلجية قوية تحجب عنها كل وسائل الحياة .... و التي أسعى إلى تعديل اسمها لأسباب شتى من بينها كون الإعلام سلط الضوء فقط على قرية أنفكو في حين وبعد المعاينة الخاصة والبحث الذي لازال جاريا نجد أن كل جبال الأطلس أنفكو و أكثر إذ لا يجب أن تصب كل المساعدات في مكان دون آخر..".
لتكون أول خطوة قمت بها هي تأسيس هذه مجموعة في الفيس بوك و إطلاق نداء الحملة في العالم الافتراضي.
س 2: كيف انتقلتم من الفيسبوك إلى واقع التنسيق الميداني؟
نهجت خطة في أول إعلان تصدر "مجموعة أطفال انفكو والنواحي" الفيسبوكية قد توسع رقعة التعاطف بطريقة مرنة و سهلة في التواصل إذ قمت بنشر رقم هاتفي وكنت ساعتها وحدي بالمجموعة ومباشرة قمت بتوزيع رابط المجموعة على الأصدقاء الافتراضيين وطالبتهم بدعوة أصدقائهم وكان الفضل الكبير بعد الله تعالى، في هذه العملية للأخ الكريم كريم أمجون الذي كان أول من قبلت دعوته ليكون معي بالإدارة، كل من تعاطف و تفاعل مع الإعلان قام بالاتصال بي، منهم من بعث المساعدات مباشرة، و منهم من طلب أن يكون منسقا بمدينته مما سهل علي الكثير من الصعاب إذ كنت أعمل على مستوى العالم الافتراضي و بالميدان حيث كنت أتلقى المساعدات عن طريق الحافلات، وكنت مداومة على الذهاب إلى المحطة الطرقية بمدينتي حتى أنني كنت أسافر إلى بني ملال و خريبكة مثلا لأتلقى المساعدات كون الحافلة تكون نقطة وصولها هي تلك المدينتين ....و هكذا خرجنا من العالم الافتراضي إلى الواقع الميداني، وكان كل منسق يجمع بمدينته، و منهم من بعثوا لنا، ومنهم من تكلفوا حتى يوم اللقاء الذي يصادف يوم القافلة ..... وكل ذلك كان عن طريق الفيسبوك افتراضيا و عن طريق الهواتف ميدانيا.
س 3: كم عدد القافلات التي نظمتموها لحد الآن؟ وهل لنا أن نعرف حجم المساعدات؟
لحد الآن قمنا بقافلتين كانتا ناجحتين، الأولى كانت بقرية كروشن حيث وزعنا طنين من الملابس و الأغطية والأحذية و غيرها وكانت ناجحة بامتياز بمساعدة جمعية المعاق المحلية وبعض رجال السلطة، المرحلة الثانية سافرت فيها إلى العرائش مصحوبة بخريطة المنطقة الأطلسية للتنسيق مع جمعية ديكول للتنمية وعملت معهم هناك قرابة خمسة أيام على أمل اللقاء في نقطة حددناها يوم القافلة، لتكون المرحلة الثانية بمنطقة تونفيت وبالضبط بقرية سيدي يحيى ويوسف و التي وزعنا بها 3 أطنان كذلك بتعاون مع جمعية تاونزا التي رافقتنا من تونفيت إلى القرية، و في كلتا الحالتين كان استقبالنا من طرف الساكنة لا يمكن التعبيرعنه بسهولة و يستحق أن يبقى في الذاكرة إلى الأبد .
س 4: هل تعرضتم لمضايقات من السلطات؟ ماذا قالوا لكم؟ وكيف تعاملتم مع ذلك؟
صراحة كنا محظوظين في القافلتين إذ نسقنا في الأولى مع قائد قرية كروشن الذي اقترح علينا آنذاك كروشن بدل أنفكو لأن في ذلك الوقت كان هناك وزير الصحة ومن الممكن ألا نصل أنفكو وقد تنزع منا المساعدات، و اكتشفنا بالفعل أن قرية كروشن تحتاج لمساعدات أكثر، مما سهل علينا المرحلة الثانية التي أتت قافلتها من مدينة العرائش بتنسيق مع نفس القائد الذي تدخل لدى جهات أخرى مما سهل علينا المرحلة الثانية التي كانت بالنسبة لي صعبة إذ كان بيننا "مندسين" وصلوا إلى حد سرقة مجموعتنا الفيسبوكية ومحاربتنا بشتى الوسائل ..
س 5: يتهمكم المخزن بالانتماء والتعاطف مع العدل والإحسان وبأنكم تتحركون بتخطيطها؟ سؤالنا هو: ما الأطياف السياسية التي تكونت منها القوافل المنظمة؟
نعم هذا ما تجلى لنا من خلال ما قالته وزارة الداخلية، ولكن التعاطف أراه واجبا بين جميع المغاربة، ألا يجمعنا وطن واحد ..؟؟ نحن نتعاطف مع الجميع، فكيف أن يتعاطف معنا اليهود ويساعدوننا من خارج المغرب وهم مغاربة حقا و تفاعلوا مع الحدث، ولا نتعاطف نحن مع العدل و الإحسان ؟؟ أما عن المرافقين للقافلة فلم يفصح أي منا عن انتمائه ولا عن الجهة التي يتعاطف معها، وكان الجميع بنية المساعدة لوجه الله وفي سبيل أبناء هذا الوطن لا غير، رغم المضايقات الفيسبوكية التي تعرضت لها شخصيا من طرف مواطنين عرفتهم في القافلة الثانية ....
س 6: ما هي الجماعات والدواوير التي زرتموها؟ وكيف تفاعل معكم الناس وممثلو السكان؟
سبق و ذكرت في أحد الأجوبة أننا قمنا بمساعدة ساكنة قريتين بما جاد به المحسنون إلا أنني تقصيت عن أكثر من دوار بمساعدة بعد رجال التعليم بكروشن حتى وصلت قرية أخرى تسمى تيسفولة و التي تتوق نساؤها إلى عمل يخرجها من تلك العزلة الجبلية و أنا بصدد مساعدتهن على تأسيس تعاونية في الاختصاص الذي اخترنه .... بالنسبة لقرية أيت يحيى ويوسف التابعة لتونفيت - والتي كانت وجهتنا الثانية- عرفت تاريخا آخر لن أفصح عنه إلا بعد أن أعود إلى هناك من أجل بحث في الموضوع وربما سيكون على شكل رواية...
بالنسبة لأهالي الدواوير، يحزّ في النفس أن يفرح أخ لك و لو بملبس مستعمل وكان اللقاء مهما و حارا جدا، وكان الاستقبال بابتسامات تجعل الإنسان يخجل من نفسه.
أما ممثلو السكان فقبل الوصول إلى هذه المناطق تجدهم قد هيأوا لك مواضع المبيت و الدفئ و هذه ميزة رأيتها في كل الساكنة ، كريمون رغم الحاجة ...
س 7: ما هي الرسالة التي تودين توجيهها للشعب المغربي؟ وكذلك للحكومة المغربية؟
في رسالتي للشعب المغربي أقول أنه لا يرضينا عدم الإحساس بالآخر من إخواننا هناك بالمناطق المعزولة، وأؤكد على عدم التراجع والفتور الذي لاحظته بالآونة الأخيرة، فنحن وجب علينا العمل طيلة السنة حتى يأتي الفرج و يفك عزلتهم ...
أما رسالتي للحكومة المغربية فهي رسالة عتب يتخلله الألم ، إذ لا يقبل العقل أن تنتقدنا نقدا لاذعا كمتطوعين في هذا العمل الخيري ولا تعير اهتماما لمواطن يقول لي : أتمنى أن تأخذي معك ابني أو ابنتي، المهم أن أسمع أخبارها بدل أن تموت أو يموت بسبب الثلوج .... و أرى أن الحكومة الإسلامية بين قوسين، وجب عليها تقديم مصلحة المواطن المسلم والبحث عن مكامن الخلل، فتلك المناطق قد أبلت بلاء حسنا لإخراج الاستعمار الفرنسي، وفي كل بيت منها قصة، و الملاحظ أننا نجد القريتين معا لا تبعدان عن الطريق المعبدة إلا بين 20 و 25 كيلومتر، فهل تصعب هذه المسافة على حكومة بأكملها تعبيدها أم أن الأمر يعود إلى أن أحفاد مقاومين وجب عزلهم حتى لا يفيض ما امتصوه من حليب السلف ؟؟؟؟


تابع القراءة... Résuméabuiyad